جاثِمِينَ).
وأمّا الآية الثالثة فقد نقلت الحديث إلى كلام صالح عليهالسلام مع قومه بعد نزول العذاب عليهم وهلاكهم ، وكيف أنّه عليهالسلام أخذ يخاطبهم بقوله : (يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ).
والشاهد على أنّه عليهالسلام تحدّث معهم بعد هلاكهم ونزول العذاب بهم ، هو :
١. نظم الآيات بالشكل الذي ذكرناه.
٢. حرف «الفاء» الوارد في قوله تعالى : (فَتَوَلَّى) المشعر بالترتيب بين الهلاك والخطاب ، بمعنى أنّ خطابه عليهالسلام لهم جاء عقيب هلاكهم مباشرة.
٣. جملة (وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) وهذا المقطع من الآية يفيد بأنّهم بلغت بهم العنجهية أن كانوا لا يحبون الناصحين حتى بعد هلاكهم!!!
وظاهر الآية أنّه عليهالسلام كان يتحدث مع أرواح قومه بصورة جدّية ويخاطبهم بصورة مباشرة مبيّناً لهم عنادهم وعنجهيتهم حتى بعد موتهم بقوله : (وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ).
وهنا قد يطرح السؤال التالي وهو : من المحتمل أن يكون خطاب صالح عليهالسلام لقومه لا على نحو الجد ، بل من قبيل تغزّل العاشقين وخطابهم للدور وجدران المنازل التي يقطنها الحبيب.
وجواب ذلك : انّ حمل الآية المباركة على لسان الحال والقول بأنّها من قبيل غزل العاشقين وخطابهم للدور وجدران المنازل لهو من أبرز مصاديق التفسير بالرأي ، وانّه تفسير وحكم خاطئ لا يقوم على دليل.
ومن الواضح أنّ حقيقة التفسير بالرأي تنبع من اتّخاذ الموقف أوّلاً والاعتقاد