وشواهد قوية ، وأنّ الأنبياء كانوا يتكلّمون مع البرزخيين ، فقد حان الوقت لنسلّط الأضواء على السنّة الشريفة لنرى موقفها من هذه المسألة.
ومن حسن الحظّ انّ هناك الكثير من الروايات الواردة في هذا المجال والتي تؤكّد وجود الصلة بين الحياتين ، نكتفي بذكر نماذج منها :
١. النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم يكلّم أهل القليب
حينما وضعت معركة بدر الكبرى أوزارها وانهزم المشركون مخلّفين وراءهم سبعين قتيلاً من صناديدهم وساداتهم ومثلهم من الأسرى ، أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بإلقاء القتلى في إحدى الآبار ، ثمّ وقف صلىاللهعليهوآلهوسلم يخاطب القتلى واحداً واحداً ويقول :
«يا أهل القليب ، يا عتبة بن ربيعة ، ويا شيبة بن ربيعة ، ويا أُميّة بن خلف ، ويا أبا جهل ـ وهكذا عدّد من كان منهم في القليب ـ هل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقّاً فإنّي وجدت ما وعدني ربّي حقّاً؟».
فقال له بعض أصحابه : يا رسول الله أتنادي قوماً موتى؟!
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكنّهم لا يستطيعون أن يجيبوني».
وكتب ابن هشام يقول : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أضاف بعد هذه المقالة وقال : «يا أهل القليب ، بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ، كذبتموني وصدّقني الناس ، وأخرجتموني وآواني الناس ، وقاتلتموني ونصرني الناس».
ثمّ قال : «هل وجدتم ما وعدكم ربّي حقّاً». (١)
__________________
(١) السيرة النبوية : ١ / ٦٤٩ ؛ السيرة الحلبية : ٢ / ١٧٩ و ١٨٠ وغيرهما.