الشعر يضفي على القضية طابعاً خالداً
تعد قصة حديث الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم مع قتلى معركة بدر من المسلّمات الحديثية والتاريخية ، حيث رواها المؤرّخون والمحدّثون من العامّة والخاصّة. وقد أدلى الشعراء بدلوهم في هذه الواقعة حيث سجّلتها الدواوين الشعرية.
وكان في طليعة الشعراء الشاعر حسان بن ثابت شاعر عصر الرسالة ، إذ أنشد قصيدة بائية رائعة سجّل فيها أحداث تلك الواقعة ، ومن حسن الحظّ أنّ ديوان حسان بن ثابت عامّة وهذه القصيدة خاصة من الدواوين التي استطاعت أن تفلت من يد الدهر وتبقى حيّة ماثلة أمام الجميع ، ولم تتعرض كغيرها إلى الضياع والاندثار والتلف ، نقتطف من تلك القصيدة بعض الأبيات والتي جاء فيها :
يناديهم رسول الله لمّا |
|
قذفناهم كباكب (١) في القليب |
ألم تجدوا كلامي كان حقاً؟! |
|
وأمر الله يأخذ بالقلوب |
فما نطقوا ولو نطقوا لقالوا |
|
صدقت وكنت ذا رأي مصيب (٢) |
على أنّه لا توجد عبارة أشدّ صراحة ممّا قاله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المقام حيث قال : «ما أنتم بأسمع منهم» وهل ثمة بيان أكثر إيضاحاً وأشدّ تقريراً لهذه الحقيقة من مخاطبته صلىاللهعليهوآلهوسلم لواحد واحد من أهل القليب ، ومناداتهم بأسمائهم وتكليمهم كما لو كانوا على قيد الحياة؟!
فلا يحق لأيّ مسلم مؤمن بالرسالة والرسول أن يسارع إلى إنكار هذه
__________________
(١) الكباكب : الجماعات.
(٢) ديوان حسان : ١٣ ـ ١٤.