وقد تعرّض الفقه السنّي هو الآخر لمسألة التلقين فقال الجزيري في كتابه «الفقه على المذاهب الأربعة» : ويستحب تلقينه أيضاً بعد الفراغ من دفنه وتسوية التراب عليه ، والتلقين هنا هو أن يقول الملقّن مخاطباً للميت : يا فلان ابن فلانة ، إن كان يعرفه ، وإلّا نسبه إلى حواء عليهاالسلام ، ثمّ يقول بعد ذلك : اذكر العهد الذي خرجت عليه من الدنيا ، شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله ، وأنّ الجنة حق ، وأنّ النار حق ، وأنّ البعث حق ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور ، وانّك رضيت بالله ربّاً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم نبياً ، وبالقرآن إماماً ، وبالكعبة قبلة ، وبالمؤمنين إخواناً. وهذا التلقين مستحب عند الشافعية والحنابلة ، وخالف المالكية والحنفية ، حيث قالت الحنفية : التلقين بعد الفراغ من الدفن لا ينهى عنه ولا يؤمر به ، وظاهر الرواية يقضي النهي عنه.
وقالت المالكية : التلقين بعد الدفن وحاله مكروه ، وإنّما يندب حال الاحتضار فقط. (١)
روى الغزالي في «إحياء علوم الدين» والشوكاني في «نيل الأوطار» بعد قولهم «ويستحب التلقين» : قال سعد بن عبد الله : لما احتضر أبو أُمامة الباهلي ، قال لي : لقني بالنحو الذي أمر به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : «أُذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله ، وانّك رضيتَ بالله ربّاً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبيّاً ، وبالقرآن إماماً». (٢)
__________________
(١) الفقه على المذاهب الأربعة : ١ / ٥٠١.
(٢) إحياء العلوم : ٤ / ٤٧٦ ؛ نيل الأوطار : ٤ / ١٣٩.