الأمرين ، لأنّه سبحانه وتعالى مؤثر «مستقل» وفاعل ومبدع غني لا يحتاج في فعله وصنعه إلى غيره مهما كان ذلك الغير والحال انّ الظواهر الأُخرى المؤثرة في العالم ، يكون تأثيرها وفاعليتها بالتبع وانّها جميعاً «غير مستقلة» ذاتاً وانّها تابعة في تأثيرها له سبحانه ومحتاجة إليه تعالى.
وفي حقيقة الأمر أنّ صدور الظواهر الطبيعية منه سبحانه ، ولكن شاءت إرادته تعالى أن يكون هذا الصدور قائماً على أساس الأسباب والمسببات أي أن تجري الأُمور وفقاً لمجراها الطبيعي.
ثمّ إنّنا جميعاً نعلم أنّ من مراتب التوحيد «التوحيد في الخالقية» بمعنى أنّه لا يوجد خالق إلّا الله سبحانه ولكن التوحيد في الخالقية لا يعني نفي تأثير الأسباب والعلل المادية والطبيعية في العالم ، بل المراد منه هو : انّ الخالق المستقل والغني هو الله سبحانه ، وهو الذي يمنح الأسباب والعلل الأُخرى تأثيرها وفاعليتها ، بحيث تعمل ضمن إرادته وتؤثر في إطار مشيئته سبحانه وتعالى.
ولقد أشارت آيات الذكر الحكيم إلى كلا النوعين من العلّية والفاعلية والتأثير ، فترى أنّ فعلاً واحداً في الوقت الذي ينسب إلى الإنسان ينسب إلى الله كذلك ، والحال أنّ الفعل لا يحتاج إلّا إلى فاعل واحد ، ولكن الذي يصحّح هذا الاستعمال وتلك النسبة هو الاختلاف بين الفاعلين ، فإنّ الفاعل المادي هنا في طول الفاعلية الإلهية. وبعبارة أُخرى : أحد الفاعلين أصيل بالذات ، والآخر فقير وتابع في فاعليته إلى فاعلية الآخر. فلا منافاة في نسبة الفعل إلى كلا الفاعلين بلحاظ الاعتبار الذي ذكرناه.
لقد خاطب القرآن الكريم النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله :