النبوية القطعية ، لنبين نقاط القوة والضعف في أفكار الرجل بعيداً عن التعصّب له أو عليه. ولكن هذا لا يمنعنا من أن نبدي أسفنا الشديد على أنّ الرجل طرح أفكاره وعقائده ـ والتي كانت عاملاً مهماً في بذر التفرقة بين المسلمين ـ وأثارها في وقت وظرف حسّاس جداً كان يعيشه المسلمون في تلك الحقبة ، حيث كانوا يعانون أزمة شديدة وظروفاً عصيبة من تاريخهم ، نعم لقد أُثيرت عقائده في الوقت الذي كانت البلاد الإسلامية تعيش بين كمّاشتين : الصليبية من جهة ، والمغول من الجهة الأُخرى. وفي هذا الوقت الذي كانت فيه الأُمّة بأشدّ الحاجة ـ أكثر من أيّ زمان آخر ـ إلى الوحدة ورصّ الصفوف والتلاحم ورأب الصدع لمواجهة تلك الأخطار الجسام والمحن الصعبة ، نجد الرجل يثير عقائده ويعلن عن آرائه ومعتقداته.
ومن هنا يكون تحليل ودراسة شخصية ابن تيمية والظروف العصيبة التي كانت تعيشها الأُمّة الإسلامية في ذلك العصر بمثابة دروس وعبر أساسية في التاريخ الإسلامي ينبغي أن تسلط عليها الأضواء وتدرس دراسة متأنّية ودقيقة.
عصر النهضة الإسلامية
تُعدّ بداية القرن الرابع إلى أواسط القرن الخامس الهجري من التاريخ الإسلامي من أفضل العصور وأبرزها ، فقد وصل المجتمع الإسلامي في هذه البرهة الزمنية إلى ذروة الرقي والتطوّر والازدهار الحضاري في مجالات الحياة المختلفة ، كالعلم والأدب والسياسة و ... ، وكلّ ذلك حصل ببركة رجال أفذاذ وشخصيات عظيمة استطاعت أن تقفز بالعالم الإسلامي قفزة نوعية من أمثال :