ولا ريب ولا شكّ في جواز هذا النوع من التوسّل بحيث لم يناقش فيه أحد ولا يوجد فيه مخالف ، ولكن المهم معرفة السبب والاطلاع على العلة التي جعلت دعاء الأنبياء مستجاباً ، فما هي هذه العلّة والسبب؟
إنّ السبب الواقعي لاستجابة دعائهم عليهمالسلام انّما يكمن في روحهم الطاهرة ونفوسهم الزكية ، وقربهم من الله سبحانه ، فهي التي تضفي على الدعاء أثراً وتجعله صاعداً ومدعماً لدعاء الغير ، وممّا لا ريب فيه أنّ الدعاء النابع من النفوس الزاكية والأرواح الطاهرة والقلوب التي ملؤها الحب لله والرحمة لعباد الله ، لا يوجد أمامه أي مانع من موانع قبوله ، فلذلك يقبل من دون ترديد.
نعم هناك بحث وكلام في اختصاص ذلك الأمر ـ قبول الدعاء والتوسّل ـ بحياة النبي الجسمانية ، أو يعمّ حياته البرزخية التي فيها يُرزق ويفرح ويستبشر ، فهناك من يخص الآية بحياته الجسمانية بحجة ورود ذلك فيها ، ولكن الأدلّة التي سقناها في بحث الزيارة تثبت عدم وجود الفرق بين الحياتين ، وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قادر في الحياتين على طلب المغفرة من الله سبحانه لمن توسّل به وجعله واسطة بينه وبين ربّه ، وسيأتي المزيد من التفصيل في النقطة السادسة.
٥. التوسّل بدعاء الأخ المؤمن
من الأسباب التي جعلها الله تعالى وسيلة لاستجابة الدعاء هو التوسّل بدعاء الأخ المؤمن.
وقد دلّت الآيات على أنّ الملائكة يستغفرون للذين آمنوا ، وأنّ المؤمنين اللاحقين يستغفرون للسابقين ، فقال تعالى :
(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ