كان مفتوحاً في حياة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ولكن بعد رحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولحوقه بالرفيق الأعلى هل بقي هذا الباب على ما هو عليه ، بحيث يحقّ للمسلمين التوسّل بدعائه والوقوف في حضرته وطلب الاستغفار منه (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) أم أنّ الباب أوصد برحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
والجواب : لا ريب أنّ سيرة المسلمين قاطبة من عصر الصحابة والتابعين وحتى عصرنا الحاضر قائمة على التوسّل بدعائه صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد رحيله ولحوقه بالرفيق الأعلى وما كانوا يرون فرقاً بين الحياتين ، فمن تصفح سيرة المسلمين ورجع إلى غضون الكتب وشاهد عملهم في المسجد النبوي قرب مزاره الشريف ، يلمس بسهولة استقرار سيرتهم على التوسّل بدعائه من غير فرق بين حياته الدنيوية وانتقاله إلى الرفيق الأعلى ، فبالإضافة إلى السيرة المذكورة نجد انّ نفس متن الزيارة التي نقلها الشيعة والسنّة على السواء تتضمن الطلب المذكور ، ولكي يطمئن القارئ الكريم نأتي ببعض الكلمات التي رواها كبار العلماء من أهل السنّة في هذا المجال وليتّضح أنّ منهج السلف في الزيارة هو نفس المنهج القائم الآن بين أوساط المسلمين ، ومن هذه الكلمات :
١. قال زكريا محيي الدين النووي (٦٣١ ـ ٦٧٦ ه ـ) : ثمّ يأتي القبر الكريم فيستدبر القبلة ويستقبل جدار القبر ... ثمّ يسلّم ولا يرفع صوته ، بل يقصد فيقول : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا نبي الله ، السلام عليك يا خيرة خلق الله ... ثمّ يقول : جزاك الله يا رسول الله عنّا أفضل ما جزى نبيّاً ورسولاً عن أُمّته ، وصلّى عليك كلّما ذكرك ذاكر وغفل عن ذكرك غافل ، ... إلى أن يقول : اللهمّ آته الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته ، وآته نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون.