والاجتناب عنه.
وحينئذ لا بدّ من بحث القضية لمعرفة هل انّ هذا التصوّر صحيح أم لا؟
جواب الشبهة
إنّ الشبهة المذكورة قائمة على اعتبار انّ طلب الدعاء من الميت يُعدّ نوعاً من العبادة له ، وحينئذ يكون من قبيل الشرك في العبادة.
ولا ريب أنّ هذا التوهّم باطل ، وذلك :
أوّلاً : إذا كان طلب الدعاء من الميت عبادة له فلا ريب يكون طلب الدعاء من الحي عبادة أيضاً ، وذلك لأنّ ماهية العمل واحدة في الحالتين ، لأنّها في الحقيقة «طلب من الغير مقترن بالخضوع» فعلى المستشكل إمّا أن يقبل بأنّ الحالتين من الشرك المحرّم ، أو ينفي الشرك عن الحالتين على السواء ، وأمّا التفريق بينهما بأن يقبل إحداهما وينفي الأُخرى فهو تفريق لا أساس له من الصحّة ولا يقوم على الدليل والبرهان.
ثانياً : انّنا قد فسّرنا العبادة في الفصل الرابع من هذا الكتاب بصورة منطقية ، وقلنا هناك إنّه ليس كلّ خضوع أو دعاء أو نداء أو طلب هو عبادة ، بل العبادة هو الخضوع المقترن باعتقاد خاص.
وبعبارة أُخرى : الخضوع أمام من يعتقد كونه ـ والعياذ بالله ـ ربّاً ، أو الاعتقاد بأنّه مخلوق ولكن فوّض إليه فعل الربّ كما يعتقد ذلك الوثنيون وعبدة الأصنام.
وأمّا الخضوع المجرّد عن هذه المعتقدات الباطلة والواهية فليس بشرك.
وبعبارة أوضح : انّ الدعاء المقترن باعتقاد كون الطرف المدعو إنساناً ذا