شأن ومقام ومنزلة لدى الله سبحانه ، ومن هنا ينطلق الداعي ليتوسّل به ويطلب منه الدعاء له عند ربّه كما كان يفعل المسلمون في حياة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعد وفاته ، فلا يُعدّ ذلك العمل مخالفاً للتوحيد والوحدانية أبداً.
الشبهة الثانية : لا جدوى في طلب الدعاء من الميت
قد يقال : إنّ طلب الدعاء من الميت العاجز عن استجابة دعاء الإنسان أمرٌ لا يجدي نفعاً ولا طائل فيه ، وحينئذ يكون طلب الدعاء منه أمراً عبثياً وحالة لغوية لا فائدة فيها.
جواب الشبهة
إنّ هذه الشبهة تنطلق من الرؤية المادية للأُمور والتي ترى أنّ الموت يمثل نهاية الحياة وليس وراء هذه الحياة الدنيا شيء ، ومن هنا فإنّ الأموات ـ وفقاً لهذه النظرية ـ يعدمون ويفنون بالكامل ، ولا معنى حينئذ للطلب من المعدوم أو مخاطبته لأنّها أُمور لغوية وعبثية لا طائل فيها.
ويتّضح جواب هذه الشبهة من الأُصول المسلّمة التي تعرضنا لبيانها في البحوث السابقة وأثبتنا فيها انّ الموت لا يمثل نهاية الحياة ، بل هو في الواقع مرحلة انتقال من حياة إلى حياة أُخرى ، وانّ الذي يتعرض للفناء هو العنصر المادي من الإنسان ، وأمّا العنصر الروحي فيبقى خالداً يحيا حياة أُخرى يطلق عليها اسم الحياة البرزخية ، فإذا كان موجوداً وحيّاً فحينئذ تصح مخاطبته وطلب الدعاء منه ، وانّه قادر بإذن الله تعالى أن يلبّي طلبنا ويستجيب دعاءنا.