الشبهة الثالثة : وجود الحائل والمانع بين الأموات والأحياء
إنّ أصحاب هذه الشبهة يسلمون أنّ الموت لا يمثل نهاية الحياة وفناء الإنسان بالكامل ، بل هناك عنصر مهم من الإنسان وهو الروح ينطلق إلى عالم آخر ليعيش فيه ، ولكنّهم يرون في نفس الوقت انّ هناك حائلاً ومانعاً بين الأموات والأحياء أطلق عليه القرآن الكريم عنوان «البرزخ» حيث قال تعالى : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١) وعلى هذا الأساس لا يتسنّى للموتى أن يسمعوا دعاء الأحياء ، وإذا لم يسمعوه فما الفائدة من مخاطبة موجود لا يسمع الكلام؟!
جواب الشبهة
صحيح انّ البرزخ لغة معناه الحائل والمانع ، ولكن المقصود من المانع والحائل هنا ، هو المانع والحائل من العودة إلى الحياة الدنيا ، لا بمعنى الحائل والمانع من الارتباط والاتصال بهم ، وانّ الإمعان في الآية المباركة يوضح لنا وبجلاء المعنى المقصود من البرزخ حيث يقول تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها). (٢)
ومن الواضح أنّ الآية تشير إلى حقيقة جلية ، وهي انّ المذنبين والمجرمين حينما يأتي أحدهم الموت ويواجه المصير المحتوم الذي طالما
__________________
(١) المؤمنون : ١٠٠.
(٢) المؤمنون : ٩٩ ـ ١٠٠.