على منهجه حينما يواجهون تلك الروايات الصحيحة والصريحة ، يحاولون الخدش في دلالتها ودلالة غيرها من الروايات الصريحة في التوسّل بذات الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم باعتماد تأويلات باردة ، حيث يذهبون إلى وجود التقدير في الحديث ، ويقولون : إنّ هناك كلمة مقدرة وهي [الدعاء] ، فيكون المقصود ـ حسب رأيهم ـ من جملة : «أتوجّه إليك بنبيّك» يعني «أتوجّه إليك بدعاء نبيّك».
ولا ريب أنّ هذه التأويلات نابعة من الأحكام المسبقة والاعتقادات الراسخة في أذهانهم ، لأنّ هذا التقدير لا ينسجم مع جميع الفقرات والجمل الواردة في الحديث.
ثمّ لو كان الضرير قد توسّل حقيقة بدعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلما ذا يعلّمه الرسول الأكرم طريقة التوسّل بأن يقول : «محمد نبي الرحمة» ويعلّمه أيضاً بأن يقول : «يا محمد إنّي أتوجّه إليك»؟!
أضف إلى ذلك أنّ تقدير كلمة الدعاء يجعل الجملة ركيكة ، وغير متّزنة أبداً.
ثمّ إنّ الآلوسي البغدادي (المتوفّى ١٢٧٠ ه) والذي يُعدّ من أقطاب الوهابية والمروّجين والداعين للمذهب الوهابي هو الآخر قد أذعن أمام هذا الحديث ، وسلّم بالحق ، واعترف بأنّه لا مانع من التوسّل بمقام ومنزلة الأفراد الصالحين الأعم من النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيره ، بشرط إحراز كون الفرد المتوسّل به ذا مقام عند ربّه. (١)
__________________
(١) انظر روح المعاني : ٦ / ١٢٨.