فأيّ خلل يحصل في الدين أو العقيدة إذا أجرينا النص على ظاهره وتركنا العناد والتعصّب؟
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : ويستبين من قصة العباس استحباب الاستسقاء بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة وفيه فضل العباس ، وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته بحقّه. (١)
وأظنّ أنّ هذه الروايات الصحيحة لا تبقي شكّاً ولا ريباً يدور في خلد أحد حول جواز التوسّل بالصالحين.
وأمّا ما ذكره من أنّه لو كان المقصود التوسّل بذات العباس لكان النبي بذلك أفضل وأعلم ، فيلاحظ عليه : أنّ الهدف من إخراج عمّ النبي إلى المصلّى وضمّه إلى الناس هو استنزال الرحمة. فكأنّ المصلّين يقولون : ربّنا إذا لم نكن مستحقّين لنزول الرحمة ، فإنّ عمّ النبي مستحقّ لها ، فأنزل رحمتك إليه لتريحه من أزمة القحط والغلاء وعندئذ تعمّ الرحمة غير العباس أيضاً ، ومن المعلوم أنّ هذا لا يتحقّق إلّا بالتوسّل بإنسان حيّ يكون شريكاً مع الجماعة في المصير وفي هناء العيش ورغده لا مثل النبي الراحل الخارج عن الدنيا والنازل في الآخرة ، نعم يجوز التوسّل بشخصه أيضاً ولكن لا بهذا الملاك ، بل بملاك آخر لم يكن مطروحاً للخليفة في المقام.
ولو افترضنا صحّة ما يُدعى من أنّ الخليفة توسّل بدعاء عمّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو عبارة أُخرى عن التوسّل بذات النبيّ لبّاً ، إذ لو لا صلته به لما قُدِّم للدعاء.
__________________
(١) البدعة : ٤٦.