الموسوعات التفسيرية ليرى وبوضوح ما ذا يراد من تلك الآيات وما هو المقصود منها؟ وسوف يجد بما لا ريب فيه أنّ الآيات في صدد الرد على المشركين الذين يعتقدون اعتقاداً راسخاً انّ العزّ والذل ، والنفع والضرر ، والنصر والهزيمة في الحرب و ... كلّ ذلك بيد آلهتهم المزيّفة والباطلة ، ومن هنا يدعونهم لكسب العزّ والنفع والنصر و ... وأين هذا من عمل المتوسّلين المؤمنين الّذين يعتقدون أنّ كلّ ذلك بيد الله سبحانه ومن خصائصه عزّ اسمه ، وانّ أقصى ما يعتقدونه هو أنّ لهؤلاء الصالحين ـ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وسائر الأنبياء والأولياء ـ منزلة وكرامة عند الله ، وأنّهم عباد مكرمون قد منحهم الله تعالى هذا المقام وأرشد المؤمنين إلى الاستفادة منه للتقرّب إليه سبحانه ونيل رحمته وغفرانه.
ونحن غالباً ما نردد في الدعاء قولنا : «اللهم بجاه محمد وآل محمّد» والجاه هنا يعني المنزلة التي وهبها الله تعالى لهم ، وقد ورد هذا الاصطلاح في بعض آيات الذكر الحكيم كقوله تعالى : (وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) (١) ، ويقول سبحانه في حقّ السيد المسيح عليهالسلام : (وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ). (٢)
الشبهة الرابعة : انّ التوسّل يعني الاستعانة بغير الله
إنّ هذه الشبهة تقوم على فرضية كون المتوسّل يستعين بغير الله في الشدائد والمحن التي تحيط به ، والمفروض أن يستعين بالله تعالى وحده ، كما في قوله : (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
__________________
(١) الأحزاب : ٦٩.
(٢) آل عمران : ٤٥.