وفي قصة ذي القرنين وبناء السد في وجه هجوم يأجوج ومأجوج يقول سبحانه :
(قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ). (١)
فلا ريب أنّ عالم الخلق عامّة والحياة الإنسانية خاصة قائمة على أساس الاستعانة بالأشياء الأُخرى ، وليس ذلك مخالفة لأصل التوحيد في الاستعانة ، وذلك لأنّ الاستعانة بغيره سبحانه تقع في شعاع وفي ظل الاستعانة بحوله وقوته التي وضعها تحت اختيار البشر.
والعجيب أنّ بعض المخالفين قد فرّق بين الأحياء والأموات ، فأباح الاستعانة بالأحياء واعتبرها أمراً جائزاً ، وأمّا الاستعانة بالأموات فذهب إلى أنّها أمر محرّم ، بل اعتبرها شركاً يجب الابتعاد عنه!!!
ويرد على ذلك أنّ العمل إذا كان شركاً في حقيقته وواقعه ، فلا أثر حينئذ للحياة وعدمها فيه أبداً ، ومن هنا لا بدّ من القول : إنّ الاستعانة بغيره سبحانه جائزة بشرط الاعتقاد بكون المعين إنّما يتحرك ويفعل في إطار قدرته وتمكينه سبحانه وتعالى له ، فلا تكون الاستعانة حينئذ شركاً ، سواء كان الطرف المعين حيّاً أو ميّتاً.
وفي الختام نشير إلى ثلاثة أُمور ، هي :
١. تواتر روايات التوسّل
إنّ روايات التوسّل والتي وردت في المصادر السنية متواترة أو قريبة من التواتر ، ومن هنا لا يمكن الخدشة في هذه الروايات عن طريق تضعيف
__________________
(١) الكهف : ٩٥.