والجسمانية ، وإنّه تعالى لا يحيطه شيء من الزمان والمكان ، وإنّ قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) و (لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) يردعهم عن تشبيه الله سبحانه بصفات المخلوقين ، ولكن نرى أنّ ابن تيمية قد جاء في تفسيره للآية السابقة بما يخالف تلك الآيات ، ويستلزم تشبيهه سبحانه بمخلوقاته.
وقد كان لتفسيره المذكور للآية المباركة ردّة فعل شديدة وأحدث ضجّة كبيرة في أوساط المسلمين طلب على أثرها العلماء من القاضي جلال الدين الحنفي ، إحضاره ومحاكمته ، فوجّه إليه القاضي المذكور الدعوة لكنّه امتنع عن الحضور إلى قاعة المحكمة.
وهكذا استمر ابن تيمية في عرض أفكاره الشاذّة ، وعقائده المخالفة للمشهور في أوساط المسلمين محدثاً بذلك حالة من التشنّج والانفعال في الوسط الإسلامي ، حتى حكم عليه في عام ٧٠٥ ه ـ وأُبعد إلى مصر ، ثمّ أُطلق سراحه عام ٧٠٧ ه ـ ولم يرجع إلى الشام إلّا عام ٧١٢ ه ـ حيث بدأ في نشر أفكاره ونظرياته مجدّداً ، حتّى حكم عليه مرّة أُخرى عام ٧٢١ ه ـ بالسجن ، وبقي مسجوناً إلى أن توفّي مسجوناً عام ٧٢٨ ه ـ. (١)
ولقد أصدر علماء الشام ومصر الكبار بياناً أوضحوا فيه الخلل في عقائد ابن تيمية وشطحاته الفكرية ، وبما أنّ المقام لا يسع لنقل ذلك البيان ، نكتفي بذكر خلاصة من بعض كلمات العلماء ليطّلع القارئ على الدور التخريبي الذي أحدثته أفكار الرجل في الوسط الإسلامي ، وكيف أنّها بذرت بذرة النفاق في أوساط المسلمين.
__________________
(١) انظر تفصيل ذلك في البداية والنهاية : ١٤ / ٤ ـ ٥٢.