لينالوا إلى حدّ ما جزاء أعمالهم التي اقترفوها في الحياة الدنيا ، وهذا الجزاء والعذاب هو في الحقيقة نوع تصفية وتطهير لنفوسهم من بعض تبعات الذنوب ، ولكنّهم حينما يقفون على أعتاب المحشر ، يقفون وقد طهرت نفوسهم نسبيّاً من الذنوب بسبب ما تعرضوا له من العذاب في الحياة البرزخية ، ممّا يجعلهم جديرين بأن تشملهم المغفرة والرحمة الإلهية ، ومن هنا يأتي دور الشفعاء والشفاعة لتطهّرهم ممّا بقي من آثار تلك الذنوب ، وبذلك تكون حقيقة الشفاعة هي التطهير والتنقية الكاملة من تبعات وعوارض الذنوب وصقل الروح وتصفيتها من آثار الذنوب بصورة تامّة.
الفرق بين الشفاعة والوساطة الدنيوية
يتصوّر البعض ـ وتحت تأثير الدعايات المغرضة وتبليغ الجاهلين ـ انّ الشفاعة تشبه الوساطة الدنيوية ، وبعبارة أُخرى : هي نوع وساطة حزبية ، وانّها تعدّ نوعاً من أنواع مخالفة القانون والالتفاف عليه ، ومن أجل قلع تلك الشبهة من الأذهان ينبغي التركيز على بيان الفوارق الأساسية بين الشفاعة وبين الوساطة الدنيوية.
فنقول : إنّ التفاوت بين الحالتين يكمن في ثلاث نقاط ، هي :
١. في الشفاعة الأُخروية يكون زمام الأُمور بيد الله سبحانه ، ولم تخرج الأُمور من يده ، بل هو الذي ينتخب الشفعاء ممّن توفرت فيهم اللياقة والكمال بحيث وصلوا إلى درجة من التقوى والمقام والمنزلة تجعلهم لائقين لهذا المنصب الإلهي ، فحينئذ يمنحهم الله سبحانه وتعالى ذلك ، ويجعل فيض رحمته وغفرانه يجري من خلال طريقهم ليفاض على بعض المذنبين والعاصين وتحت شروط خاصة ،