أمّا الإبهام الأوّل فيرتفع بمجرّد الرجوع إلى الآية السابقة حيث كانت بصدد الحديث عن الآخرة والثناء عليها وتفضيلها على الدنيا ، ثمّ بعد ذلك أعقبت الكلام بالحديث عن العطاء الإلهي ، فقالت : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) ، وهذا الاتصال بين الآيتين شاهد صدق على أنّ زمان ومكان العطاء في عالم آخر وهو عالم الحياة الأُخرى.
ثمّ إنّ المقام السامي للرسول الأكرم والذي وصفه سبحانه به حيث قال : (رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) يقتضي أن يكون الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك اليوم العصيب والموقف المهول والمرعب في مقام التفكير في مصير أُمّته ، وانّه صلىاللهعليهوآلهوسلم سيسر ويرتاح حينما يرى الكثير من أُمّته قد شملتهم الرحمة الإلهية والمغفرة الربانية ، ومن هذا المنطلق واعتماداً على هذا الأصل سوف يرتفع الإبهام الثاني أيضاً ، وانّ المقصود من العطاء الذي يرضيه صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الشفاعة في أُمّته.
أضف إلى ذلك أنّ الروايات الإسلامية هي الأُخرى قد فسّرت الآية المذكورة بمقام الشفاعة. (١)
الشفاعة في السنّة
إلى هنا تمّ الحديث عن الشفاعة في القرآن الكريم ، وأمّا الروايات فكثيرة جداً بحيث لا يمكن استيعابها في هذا الفصل ، ومن هنا نكتفي بذكر بعض النماذج من تلك الروايات :
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أُعطيتُ خمساً : وأُعطيتُ الشفاعة ، فادّخرتُها لأُمّتي ،
__________________
(١) انظر تفسير مجمع البيان : ٥ / ٥٠٥ ؛ وتفسير البرهان ٤ / ٤٧٣ ؛ وتفسير الدر المنثور. وقد نقل المحدّثون عن ابن عباس قوله في تفسير الآية : رضاه ان تدخل أُمّته الجنة.