١. طلب الشفاعة يعني طلب الدعاء
إنّ طلب الشفاعة من النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن الشفعاء الصادقين لا يعدو عن طلب الدعاء منهم لا غير ، ولا ريب أنّ دعاءهم مستجاب قطعاً بسبب قربهم المعنوي ومنزلتهم السامية ومقامهم الرفيع عند الله سبحانه ، وإذا كان دعاؤهم مستجاباً قطعاً ، فحينئذ ينعم المذنب بالمغفرة والرحمة الإلهية تحت ظل ذلك الدعاء المبارك ، ومن المعلوم أنّه لا إشكال ولا ضير في طلب الدعاء من الأخ المؤمن فضلاً عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا ما قلنا : «يا وجيهاً عند الله اشفع لنا عند الله» يعني : ادع لنا عند الله ليغفر لنا ذنوبنا ويعفو عنها.
أضف إلى ذلك أنّه قد ورد كثيراً في الكتب الحديثية استعمال لفظ «الشفاعة» بمعنى الدعاء ، حتّى أنّ الإمام البخاري في صحيحه قد استعمل لفظ «الشفاعة» بمعنى الدعاء في بابين من أبواب كتابه الصحيح ، وهما :
أ. «إذا استشفعوا إلى الإمام ليستسقي لهم لم يردّهم». (١)
ب. «إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط». (٢)
والشاهد على أنّ الشفاعة بمعنى الدعاء ، ما رواه ابن عباس عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلّا شفّعهم الله فيه». (٣)
من الواضح أنّ شفاعة هؤلاء الأربعين للميت ليس إلّا لأنّهم حال أداء
__________________
(١) صحيح البخاري : ٢ / ٢٩ ـ ٣٠.
(٢) صحيح البخاري : ٢ / ١٩.
(٣) صحيح مسلم : ٣ / ٥٤.