وأداء الواجبات والقيام بالنوافل على أكمل وجه إلى الحدّ الذي يصبح فيه المؤمن ـ اعتماداً على قدرته تعالى ـ يسمع ما لم يسمعه الإنسان العادي ، ويرى من الأشباح والصور ما لا يراه الإنسان العادي أيضاً. وهكذا يتحقّق له كلّ ما يريده ويرومه.
وبلا أدنى ترديد يكون المراد من قوله : «كنت سمعه وبصره و ...» هو انّ الإنسان المؤمن وفي ظل القدرة الإلهية يتوفر على بصيرة أنفذ وقدرة أوسع.
ومن الواضح أيضاً من الحديث الشريف أنّ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يرى في الإنسان قدرات عجيبة ومحيّرة يحصل عليها من خلال سلوك طريق العبودية والتعمّق في المعارف الإلهية الصحيحة والأساليب السليمة.
إذا عرفنا ذلك نشير إلى بعض الآثار العجيبة للعبودية لله سبحانه ، والسير في ذلك الطريق المستقيم.
١. الهيمنة والتسلّط على النفس
إنّ الأثر والثمرة الأُولى لسلوك طريق العبودية يتمثّل في سيطرة الإنسان وهيمنته على نفسه وميولها ورغباتها النفسية ، بحيث يصبح ذا ولاية عليها ، وبالنتيجة يكبح جماح «النفس الأمّارة» ، ويصل إلى درجة من الرقي المعنوي والكمال الروحي بنحو يكون زمام أُمور «نفسه الأمّارة» بيده ، وهذه المرحلة التي يصل إليها الإنسان يطلق عليها عنوان «الولاية على النفس».
ولقد أشارت آيات الذكر الحكيم إلى هذه المرحلة ، حيث قال سبحانه :
(إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ). (١)
__________________
(١) العنكبوت : ٤٥.