صاحبة القرب الإلهي والسمو المعنوي يشاهدون تلك الملائكة.
بل انّ عباد الله المخلصين يتحدّثون مع تلك الأجسام فضلاً عن مشاهدتها. ولقد أشار أمير المؤمنين عليهالسلام إلى هذا المعنى في الخطبة المعروفة بالقاصعة :
«ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة وأشُمُّ ريح النبوة.
ولقد سمعت رنَّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنّة؟ فقال : هذا الشيطان قد أيس من عبادته. إنّك تسمع ما أسمع ، وترى ما أرى ، إلّا أنّك لست بنبيّ ، ولكنّك الوزير وإنّك لعلى خير». (١)
ولقد أشار القرآن الكريم ـ من بين نساء بني إسرائيل ـ إلى مريم عليهاالسلام بأنّها كانت قادرة على رؤية الملك والحديث معه قال تعالى :
(فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا* قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا* قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا). (٢)
٦. التصرّف في عالم الخلق
إنّ الإنسان المؤمن والمنقطع لله سبحانه بالطاعة والعبودية لا أنّه يهيمن على قواه الجسمانية فقط ، بل ـ وفي ظل القدرة الإلهية ـ يتمكّن من الهيمنة على
__________________
(١) نهج البلاغة : ١٩٢ ، ط صبحي الصالح.
(٢) مريم : ١٧ ـ ١٩.