قلنا ـ إنّه قد شاءت الإرادة الإلهية أن يجري الفيض الإلهي على مخلوقاته سبحانه عن طريق الأسباب الأعم من (الطبيعية وغير الطبيعية).
ولا شكّ هنا أنّ لإرادة يوسف عليهالسلام تأثيراً واضحاً ، وأنّه أرجع القدرة الباصرة إلى أبيه تحت ظل القدرة والفيض الإلهي الذي منح له عليهالسلام.
وهنا سؤال يطرح نفسه وهو : لما ذا استعمل يوسف عليهالسلام هذه الوسيلة البسيطة جداً ـ القميص ـ ولم يستعمل وسيلة أعقد من ذلك؟
والجواب : انّ منهج الأنبياء في الإتيان بالمعجزة والصالحين في القيام بالكرامات هو اعتماد الوسائل البسيطة جدّاً في القيام بالأعمال العظيمة ، وذلك لكي يذعن الجميع بارتباطهم بالسماء وتلقّيهم قدراتهم من ذي القدرة الغير المتناهية ، وإلّا فلو استفادوا من الأسباب والعلل المعقدة والوسائل المتطوّرة لنسب الناس تلك النتائج إلى تلك العلل والأسباب المعقّدة ، وأخيراً لنسبوها إلى علم الأنبياء وإمكاناتهم المادية مثلاً. وحينها تنتفي الغاية والهدف من وراء المعجزة.
ب. أصحاب سليمان عليهالسلام والقدرات العجيبة
كلّنا يعلم أنّ سليمان عليهالسلام استدعى ملكة سبأ للحضور عنده ، ولكنّه وقبل أن تحضر عنده بلقيس ، سأل الحاضرين في نادية وأصحابه قائلاً :
(يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ). (١)
فانبرى أحد الحاضرين ملبياً الدعوة ومظهراً استعداده للإتيان به بسرعة فائقة ، فقال :
__________________
(١) النمل : ٣٨.