(أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ). (١)
فنهض وزير سليمان وابن أُخته «آصف بن برخيا» ـ كما يقول المفسّرون ـ وأعلن عن استعداده للإتيان به قبل أن يرتد إلى سليمان طرفه ، قال تعالى :
(قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي). (٢)
ولا بدّ من الإمعان في الآيات الكريمة لنرى من هو فاعل هذه الأعمال العجيبة ـ الإتيان بعرش بلقيس ـ عبر مسافات طويلة جداً وبطرفة عين فقط؟
الظاهر من الآيات أنّ فاعل تلك الأُمور العجيبة هو أصحاب سليمان أنفسهم ـ ولكن بإذنه سبحانه ـ ويمكن تأكيد ذلك من خلال النقاط التالية :
أوّلاً : أنّ سليمان عليهالسلام قد طلب منهم مباشرة القيام بهذا العمل ، وهذا يعني أنّه كان عليهالسلام يعلم من حالهم أنّهم قادرون على القيام بمثل تلك الأعمال الخارقة للعادة.
ثانياً : انّ الشخص الذي أبدى استعداده للقيام بالمهمة والإتيان بالعرش قبل أن يقوم سليمان من مقامه ، أردف كلامه بالجملة التالية فقال : (وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ).
ومن الواضح أنّه إذا لم يكن للشخص المذكور دور في العمل لما كان لقوله : (وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) أيّ معنى ، بل يصبح ذلك القول لغواً.
__________________
(١) النمل : ٣٩.
(٢) النمل : ٤٠.