ثالثاً : أنّ الشخص الآخر الذي قال : (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) نسب الإتيان بهذا العمل الخارق للعادة إلى نفسه ، وقال : (أَنَا آتِيكَ ...).
وهل يوجد أصرح من هذا التعبير القرآني الكريم الذي يبيّن بما لا لبس فيه بأنّ أصحاب النفوس الطاهرة والأرواح الزكية يمتلكون من القدرات والإمكانات العجيبة والمحيّرة للعقول في الإتيان بالمعجزات والكرامات ، وحينئذ لا يبقى مجال للمشكّكين للتشكيك أو الميل نحو التأويلات الباردة التي لا تقوم على أساس علمي.
رابعاً : أن الله سبحانه وتعالى قد صرّح بالسبب الذي جعل وزير سليمان قادراً على القيام بذلك العمل بسرعة زمانية قياسية ، وهو انّ هذا الإنسان كان يمتلك علماً غير العلم المتوفّر لدى سائر الناس ، بل هو من نوع العلوم الخاصة بعباد الله سبحانه وتعالى ، فقال : (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ).
ج. سليمان عليهالسلام والقدرات العجيبة
يصرّح القرآن الكريم بالقدرات التي كان سليمان عليهالسلام يمتلكها ، فقال تعالى :
(وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ). (١)
والأمر الجدير بالاهتمام هو أنّ الآية المباركة تؤكّد وبصراحة تامة أنّ حركة الريح وتعيين الجهة التي تتحرك فيها خاضع لأمر سليمان وإرادته النافذة ، فيقول
__________________
(١) الأنبياء : ٨١.