ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ). (١)
فإنّ الحرف «ب» في قوله «به» يعطي معنى السببيّة ، وهذا تصريح بمؤثّرية الماء في نمو الثمار.
ومن الأُصول المسلّمة لدى علماء الطبيعة عامّة والأحياء خاصة هو البحث عن العلاقات بين الظواهر المتنوعة لغرض معرفة الأسباب والعلل الطبيعية والمادية ، لكي يتسنّى لهم من خلال تلك المعرفة الاستفادة من المنافع الناجمة عنها ، واجتناب الاضرار التي قد تواجههم في ذلك.
إنّ نقطة الخلل في التفكير المادي تكمن في أنّهم نظروا إلى عالم المادة نظرة أُحادية الجانب بحيث اعتبروا تلك العلل والأسباب التبعية والظلية أسباباً وعللاً مستقلة غافلين عمّا وراء المادة من عالم غيبي هو الفاعل والسبب الحقيقي والواقعي وهو المدبّر للعالم والمانح للأسباب والعلل المادية قدرة الفاعلية وإمكانية التأثير ، وهو الذي رسم للعالم المادي وغير المادي مساره ونهجه الذي ينبغي السير عليه.
الله واهب السببية وسالبها
ومن هنا يظهر أنّ الله سبحانه وتعالى في الوقت الذي يهب السببية والفاعلية للأشياء ، فيمنح الشمس القدرة على الإشعاع ، والقمر القدرة على الإضاءة ، والماء القدرة على الإنبات ، و ... هو نفسه سبحانه وتعالى قادر أيضاً على سلب ذلك كلّه من العلل والأسباب الطبيعية ، فالنار التي تمتلك القدرة على إحراق الأخضر واليابس تتحول وفي طرفة عين إلى برد وسلام على إبراهيم عليهالسلام
__________________
(١) البقرة : ٢٢.