بإرادته ومشيئته سبحانه : (قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ* قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ). (١)
وهو سبحانه الذي يسلب البحر الكثير من خصائصه ويحوله من حالة إلى حالة أُخرى تختلف اختلافاً جوهرياً مع طبيعة الماء في الحالات الاعتيادية ، وهذا ما نشاهده في قصة نبي الله موسى عليهالسلام حيث قال تعالى :
(فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ* قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ* فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ). (٢)
ومن هنا ندرك بما لا مزيد عليه أنّ الله تعالى هو واهب الأسباب فاعليتها ، وهو نفسه قادر على سلب ذلك كلّه منها.
تجلّيات أُخرى لمنح السببية والفاعلية
لقد تعلّقت الإرادة الإلهية بأن تصدر الظواهر من عللها وأسبابها الطبيعية ، ولكن قد يحدث ـ ولمصالح ما تقتضي ذلك ـ أن تصدر الظاهرة من غير مجراها الطبيعي ، وذلك فيما إذا أراد الأنبياء عليهمالسلام إثبات أو تأكيد ارتباطهم بالسماء. فحينئذ تقع على أيديهم ما يصطلح عليه عنوان «المعجزة».
ولا ريب أنّ معاجز الأنبياء ـ وبلا استثناء ـ تسير من خلال هذا الطريق ، فمن المسلّم أنّ تحوّل العصا إلى ثعبان مبين ، وانفلاق البحر بضربه بالعصا ، أو إعادة البصر إلى الأكمه وشفاء الأمراض المستعصية و ... كلّ ذلك في الواقع وليد
__________________
(١) الأنبياء : ٦٨ ـ ٦٩.
(٢) الشعراء : ٦١ ـ ٦٣.