عوامل وأسباب غير طبيعية ، ولسنا هنا في صدد بيان ماهيتها.
يتّضح من خلال هذا البيان انّ الفيض الإلهي يصب على الإنسان في الأعم الأغلب من خلال الأسباب والعلل الطبيعية ، ولكن قد يصب ذلك الفيض في بعض الأحيان من غير مجراه الطبيعي ، وهذا ما يطلق عليه عنوان «المعجزة» ، وهذا فيما إذا كان الفاعل بصدد إثبات صدقه في ادّعاء النبوة وارتباطه بالسماء وعالم الغيب ، أمّا إذا لم يكن الفعل مقترناً بدعوى النبوة فحينئذ يكون من قبيل «الكرامة».
كرامتان لمريم عليهاالسلام
لقد ذكر القرآن كرامتين كبيرتين للسيدة مريم عليهاالسلام.
١. انّها عليهاالسلام كانت تجد رزقها في محراب عبادتها ، وهذا ما أشارت إليه الآية التالية :
(فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ). (١)
٢. حينما جاءها المخاض إلى جذع النخلة تلقت النداء الإلهي (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا). (٢)
والملاحظ من الآيتين أنّ السيدة مريم عليهاالسلام كانت تتلقّى رزقها والرطب
__________________
(١) آل عمران : ٣٧.
(٢) مريم : ٢٥.