مواليدهم ، والحزن والأسى بمناسبة شهادتهم ورحيلهم من الدنيا ، وتقبيل المشاهد التي يرقدون فيها ، والأبواب والجدران التي شيّدت على قبورهم الطاهرة ، ونحن إذا حلّلنا عمل المسلمين وقرأنا ما يكمن في تصرّفهم هذا نجد أنّهم لا يقبّلون الأبواب والجدران هياماً منهم بها وشوقاً إليها ، بل أرواحهم ولهى وقلوبهم هائمة برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته والصالحين من أنصاره وأتباعه ولكن بما أنّ أيديهم لا تصل إلى تلك الذوات الطاهرة التي هاموا بها لذلك يقبلون آثارهم وما يمت إليهم ، ولسان حالهم كلسان حال مجنون ليلى حيث يقول :
أمرّ على الديار ديار ليلى |
|
أقبّل ذا الجدار وذا الجدارا |
وما حبّ الديار شغفن قلبي |
|
ولكن حبّ من سكن الديارا |
صحيح أنّ أماكن الزيارة تتألّف ظاهراً من الأحجار والأخشاب والحديد و ... ، ولكن إظهار المحبّة الباطنية لها والتعلّق بها ، يعكس الحب العميق والمودة الكبيرة التي تصل إلى حد الهيام والوله بالنبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة الطاهرين عليهمالسلام ، وانّ تلك الأحجار والأخشاب ما اكتسبت قداستها إلّا من إضافتها إليهم عليهمالسلام ، فمن أحبّ شخصاً أحبّ كلّ ما يمت إليه بصلة وكأنّه حينما يرى تلك الآثار يرى محبوبه حقيقة.
ومن هنا انطلق المسلمون في التعامل مع آثار النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وكلّ ما يمت إليه بصلة ، فإنّ حبهم الشديد للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم جعلهم يبحثون عن كلّ أثر من آثاره صلىاللهعليهوآلهوسلم من موضع قدم ، أو لباس ، أو قبر أو ساحة حرب ، أو ... فيسارعون إلى تلك الأماكن يحدوهم الشوق لرؤية تلك الآثار.
ولقد كانت سيرة المسلمين بحد من الانتشار والسعة بحيث لا يمكن نقل جميع تلك الصور في هذا الفصل ، ولذلك سنكتفي بنقل نماذج من ذلك.