تعالى ، وانّ القرآن محدث تكلّم الله به بعد أن لم يكن ، وانّه يتكلّم ويسكت ، ويحدث في ذاته الإرادات بحسب المخلوقات ، وتعدى في ذلك إلى استلزام قدم العالم ، والتزم بالقول بأنّه لا أوّل للمخلوقات فقال بحوادث لا أوّل لها ، فأثبت الصفة القديمة حادثة ، والمخلوق الحادث قديماً ، ولم يجمع أحد هذين القولين في ملّة من الملل ، ولا نحلة من النحل ، فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاثة والسبعين التي افترقت عليها الأُمّة ، ولا وقفت به مع أُمّة من الأُمم همة. وكلّ ذلك وإن كان كفراً شنيعاً لكنّه نقل جملته بالنسبة إلى ما أحدث في الفروع. (١)
محمد بن شاكر الكتبي (المتوفّى ٧٦٤ ه ـ) وموقفه من ابن تيمية
قال في «فوات الوفيات» في ترجمة ابن تيمية : «إنّه ألّف رسالة في فضل معاوية وفي أنّ ابنه يزيد لا يسب». (٢)
وقال معلّقاً على ذلك : هذه الرسالة تعرب عن نزعته الأُموية ، ويكفي القول في الوالد والولد (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) انّه بدّل الحكومة الإسلامية إلى الملكية الوراثية ، ودعا عباد الله إلى ابنه يزيد ، المتكبّر ، الخمّير ، صاحب الديوك والفهود والقرود ، وأخذ البيعة له على خيار المسلمين بالقهر والسطوة والتوعيد والإخافة والتهدّد والرهبة ، وهو يطلع على خبثه ورهقه ، ويعاين سكره وفجوره ، ولما استتبّ الأمر ليزيد أوقع بأهل الحرة الوقيعة التي لم يكن في الإسلام أشنع منها ولا أفحش ، وظن أنّه قد انتقم من أولياء الله ، فقال مجاهراً بكفره :
__________________
(١) المصدر نفسه : ١٠ / ١٨٦. وتوفّي السبكي تقي الدين والد تاج الدين عام ٧٥٦ ه ـ وتوفّي الولد عام ٧٧١ ه ـ.
(٢) فوات الوفيات : ١ / ٧٧.