ومع الالتفات إلى هذه الدساتير الأربعة ، يكون الاحتفال بمولده صلىاللهعليهوآلهوسلم وإحياء تلك المناسبة العطرة ، موافقاً لدستوره سبحانه ، وامتثالاً لأمره حيث عبّر سبحانه بقوله : (وَعَزَّرُوهُ).
ثمّ إنّ القرآن الكريم حينما يعد النعم الإلهية التي أنعم بها على رسوله الكريم يعد منها نعمة رفع الذكر ، حيث يقول عزّ من قائل :
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ* وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ). (١)
ولا ريب أنّ إقامة مجالس الفرح التي يقيمها المسلمون بمناسبة ذكرى ولادة الرسول الأكرم والاحتفاء بها هو مصداق بارز من مصاديق رفع الذكر ، وتجسيم جليّ لمفاد قوله تعالى : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ).
وحينئذ نتساءل واستناداً لما ورد في الآيات والروايات السابقة ، ما هو حكم مجالس الاحتفال بمولد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا خلت من المحرمات العارضة ، كاستعمال وسائل الطرب واللهو والغناء؟ فهل هي من مصاديق تكريم الرسول الأعظم أم تحقيره؟
وهل هي من مصاديق إظهار المودة والولاء أم من مصاديق العداوة له والبغضاء والشحناء؟ وهل هي من مصاديق رفع الذكر أم طمسه؟
لا شكّ أنّ الجواب أنّها من مصاديق التكريم وإظهار المودّة والولاء ورفع الذكر وإعلاء الكلمة ، وحينئذ يطرح السؤال الآخر نفسه : فهل يا ترى عملٌ بهذه المواصفات الحسنة والمميزات السامية يمكن أن يكون أمراً محرماً ينهى الشارع عنه ويعاقب عليه؟!
__________________
(١) الانشراح : ١ ـ ٤.