فإذا كان الإنسان عبداً لله سبحانه وتعالى فكيف يصحّ أن نسمّيه ب ـ «عبد زيد» أو «عبد عمرو» فإنّ هذه التسمية تشم منها رائحة الشرك؟!!
جواب الشبهة
من أجل أن تظهر الحقيقة وينجلي الحق ، وليتّضح مدى وهن هذا الإشكال لا بدّ أوّلاً من معرفة وبيان ملاك «العبودية» ثمّ الانتقال للحديث عن «الانحصار وعدم الانحصار» ثانياً.
وبعبارة أُخرى : لا بدّ من التمييز بين العبودية التكوينية التي عجنت مع جوهر الإنسان ، وبين العبودية التشريعية أو القانونية التي قد تنفصل عن الإنسان ، فإنّ ذلك مهم جدّاً في مقام الإجابة عن الشبهة المطروحة فنقول :
إذا كان الملاك في العبودية هو «الخالقية» و «منح الوجود» للطرف المقابل ، فلا شكّ أنّ جميع بني الإنسان يشتركون في هذه العبودية لله سبحانه وتعالى ولا يشاركه فيها أحدٌ أبداً ، وإذا ما وجدنا السيد المسيح عليهالسلام يقول : (إِنِّي عَبْدُ اللهِ) (١) ، أو نراه سبحانه ينادي المؤمنين بقوله : (يا عِبادِ) ، وبقوله : (قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ) (٢) فإنّ ذلك كلّه منطلق من هذا الملاك ، أعني : ملاك الخالقية ومنح الوجود للإنسان.
ومن الواضح أنّ هذا النوع من العبودية ملازم للإنسان ويستحيل أن ينفك عنه أبداً ، ولا بدّ للإنسان أن ينطلق في عبوديته لله سبحانه ويطيعه ويعبده من خلال هذا الملاك ؛ أمّا إذا كانت العبودية ناشئة من الملاك التشريعي أو العقد
__________________
(١) مريم : ٣٠.
(٢) الزمر : ١٠.