الاجتماعي ، فحينئذ لا تكون العبوديّة هنا منحصرة بالله سبحانه وتعالى ، بل يمكن ـ وتحت شروط خاصة وظروف معينة ـ أن يكون الإنسان عبداً لغيره ، نشير هنا إلى كلا النموذجين :
١. طالما هيمن الطواغيت والمستكبرون على مقدّرات المستضعفين والمحرومين واسترقّوهم بحيث أصبحوا بمنزلة السلعة تباع وتشترى في أسواق النخاسة ، ولم ينحصر الأمر بهم بل امتد ليشمل أبناءهم وذراريهم ، وليس التاريخ الأُوروبي والأمريكي ببعيد عنّا ، حيث كانوا ولفترة قريبة جداً يزاولون تجارة الرق ، بل كان كسب الكثير منهم قائماً على أساس سرقة واختطاف الإنسان الأسود في إفريقيا وشحنه بطريقة مأساوية جداً في سفن لا تتوفر فيها أبسط الوسائل لنقل الإنسان ، بل كانت تمارس بحقّهم أقسى أنواع المعاملة ، وأنت إذا نظرت إلى المجتمع الأُوروبي أو الأمريكي تجد الكثير من نسل أُولئك الأفارقة الذين اختطفوا من أرضهم وأُرسلوا قسراً إلى تلك البلاد. ولقد عارض الإسلام هذا النوع من الاسترقاق والعبودية. وسعى للقضاء على ظاهرة الرق ، وإذا ما وجدنا الإسلام قد أجاز ذلك في الحروب الشرعية فلأجل الحفاظ على حياة الأسرى ، ولكنّه في الوقت نفسه جعل لهم أحكاماً خاصة تؤول في النتيجة إلى تحريرهم وخلاصهم ، وقد بحثت هذه القضية مفصّلاً في أبواب الفقه الإسلامي.
٢. انّ القرآن الكريم قسّم الناس إلى صنفين ، فقال : (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) (١) ، ولا ريب أنّه ليس المقصود في الآية هو العبد التكويني ، وذلك لأنّ العبودية بهذا المعنى لا تختص بصنف من الناس دون صنف ، بل الكلّ فيها
__________________
(١) البقرة : ١٧٨.