نعم يقع البحث في العمل من الصنف الثاني الذي لم يكن للميت دور فيه أبداً فإذا قام الإنسان الحي بعمل صالح فهل يستطيع أن يهدي ثوابه إلى الميت أم لا؟ وهل ينتفع به الميت أم لا؟
إنّ القرآن الكريم والسنّة المطهّرة يؤكّدان ذلك ، وأنّه يمكن للإنسان أن يهدي ثواب ذلك العمل ، هذا من جهة ومن جهة أُخرى الميت ينتفع بذلك العمل وإن لم يكن له دور فيه. فإذا استغفر الحي للميت ، أو قام بعمل صالح من صوم أو صلاة أو صدقة أو برّ ـ إمّا نيابة عن الميت أو بدون أن يقصد النيابة ـ ثمّ أهدى ثوابه للميت ، فلا ريب أنّ الميت ينتفع بذلك ، ولقد أشار القرآن الكريم إلى نماذج متعدّدة من الاستغفار للآخرين وانتفاعهم بها ، مثل :
استغفار الملائكة للمؤمنين
لقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة بوضوح تام لا لبس فيه وأكّد أنّ الملائكة تستغفر للمؤمنين ، فإذا لم يكن في هذا الاستغفار فائدة تعود على الميت ، فحينئذ يكون طلب الاستغفار لغواً لا طائل وراءه. ومن تلك الآيات :
١. قوله تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ). (١)
٢. وقوله تعالى : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). (٢)
__________________
(١) المؤمن : ٧.
(٢) الشورى : ٥.