الشبهة الأُولى
تنطلق هذه الشبهة من نكتة مفادها أنّ القرآن الكريم قد حصر انتفاع الإنسان بالعمل الذي يتصدّى بنفسه للقيام به ويسعى في تحصيله ويبذل الجهد بإنجازه ، حيث قال تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (١) ، ومع هذا التصريح في الآية كيف ينتفع الميّت بعمل لم يبذل فيه أدنى جهد أو سعي؟!!
جواب الشبهة
إنّ الإجابة عن الشبهة المذكورة واضحة ، بشرط بيان المراد من الآية آنفة الذكر ، ومن هنا نقول :
أوّلاً : انّ الآية المباركة بصدد الحديث عن العقاب والجزاء وانّ كلّ إنسان إنّما يجازى بعمله ويؤاخذ به وبما يقترفه هو بنفسه ، ولا علاقة للآية بالثواب والجزاء ، والشاهد على ذلك أنّها تقول :
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى* وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى * أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى * أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى * وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى* أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى * ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى * وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى). (٢)
فإنّ ملاحظة لحن الخطاب الوارد في الآيات والذي هو في الحقيقة لحن ذم وتوبيخ ، يظهر وبجلاء أنّ الآية في مقام الحديث عن العقاب والجزاء وخاصة الآية
__________________
(١) النجم : ٣٩.
(٢) النجم : ٣٣ ـ ٤٢.