خيال واه وحلم باطل ، فهل تعني تلك النصيحة أنّه لا يحقّ لهذا الابن أن يتلقّى الهدية من الآخرين ، أو إذا تلقّاها لا تزيده نفعاً؟ أو أنّ استلامه للهدية يُعدّ مخالفة لنصيحة الأب وإرشاده؟
فلا ريب انّ الإجابة عن هذا التساؤل بالنفي قطعاً ، وذلك لأنّ الأب في واقع الأمر بصدد بيان قاعدة كلّية وأصل عام تسير عليه الحياة وتدور عليه رحاها والنجاح أو الإخفاق فيها ، وأمّا الانتفاع بهدايا الآخرين ومنحهم فهو حالة استثنائية ، فإنّ الأب يقول لولده : اعتمد على نفسك وسعيك وجهدك ودع التكاسل والبطالة والاعتماد على الآخرين بالكلية ، ولكن ذلك لا يمنع أن تحصل وفي حالات خاصة واستثنائية بين الحين والآخر على هدية أو هبة تنتفع بها في حياتك.
الشبهة الثانية
تقوم هذه الشبهة على الحصر الوارد في الحديث النبوي الشريف حيث حصر انتفاع الإنسان بعد موته بثلاثة أُمور لم يكن من ضمنها انتفاع الإنسان بعمل غيره ، لأنّ الحديث النبوي قال : «إذا مات الإنسان ، انقطع عمله إلّا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له».
جواب الشبهة
إنّ الحديث ناظر إلى تلك الأعمال التي تصدر من الإنسان بصورة مباشرة ، وليس بالخفي أنّ الإنسان إذا مات انقطعت الأعمال التي يقوم بها بنفسه وبصورة مباشرة إلّا الثلاثة التي بقي أثرها بعده ولم تمت بموته.