وعلى هذا الأساس لا توجد بين الحديث وبين انتفاع الإنسان بعمل يقوم به غيره أيّة صلة أو علاقة ، بل أنّ هيكل الحديث المستثنى «انقطع عمله» والمستثنى منه «إلّا من ثلاثة» ناظر إلى الأعمال التي يقوم بها الإنسان بصورة مباشرة وأنّ محور الحديث يدور حول بيان انقطاع عمل الإنسان بموته إلّا ما استثني في الحديث ، وليس الحديث بصدد بيان الانتفاع بثواب العمل الذي يقوم به غيره ويهدي ثوابه إليه.
الشبهة الثالثة
إنّ العبادات على صنفين : بعضها يقبل النيابة كالصدقة والحج ، والبعض الآخر لا يقبل النيابة كالصلاة وقراءة القرآن والصيام ، وحينئذ كيف يتصدّى الإنسان للنيابة عن الميت في أُمور لا تقبل النيابة أصلاً؟!
جواب الشبهة
إنّ قبول العمل للنيابة أو عدم قبوله لا بدّ أن يؤخذ من الشرع ، فالشارع هو الذي يحدّد ذلك ، فعلى سبيل المثال : الإسلام لا يقبل النيابة ، فلو تشهد الإنسان الشهادتين ألف مرة ـ نيابة عن الكافر ـ لا يجدي الكافر نفعاً أبداً ، وأمّا الصوم مثلاً فلا ريب أنّ الروايات قد أكّدت قبوله للنيابة فقد روي عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «من مات وعليه صيام ، صام عنه وليّه». (١)
ونظير ذلك الروايات التي ذكرناها في صدر البحث ، وحينئذ كيف يدّعي المستشكل أنّ الصلاة لا تقبل النيابة في الوقت الذي يعترف به بقبول الحجّ
__________________
(١) صحيح مسلم : ٣ / ١٥٥ ، باب قضاء الصيام عن الميت.