١ : الظروف التي أُثيرت فيها أفكار ابن تيمية من جديد
قد اتّضح جلياً في الفصل السابق أنّ ابن تيمية أثار أفكاره ونظرياته في وقت كان يعيش فيه العالم الإسلامي أقسى الظروف وأشد الصعاب والتحدّيات ، ويواجه أعتى الجيوش الغازية من جهتي المشرق والمغرب المتمثّلة بالمغول والصليبيّين ، وكان العالم الإسلامي في تلك البرهة ـ وكما هو واضح ـ بأمسّ الحاجة إلى الوحدة والاتّحاد والتآخي والالتفاف حول المشتركات ونبذ العوامل التي تثير الفرقة والتشتت والانقسام وتثير الجدل.
ومن هنا لو فرضنا ـ جدلاً ـ أنّ أفكار الرجل ومعتقداته كانت قائمة على أُسس متينة وأدلّة محكمة يدعمها القرآن الكريم والسنّة المطهّرة ودليل العقل ، إلّا أنّه ممّا لا ريب فيه أنّ الرجل لم يكن موفقاً في توقيته لإثارة أفكاره من الناحيتين المكانية والزمانية معاً.
هذا إذا سلّمنا بصحّة آراء الرجل ونظرياته ، وأغمضنا النظر عن الموقف الصارم الذي وقفه علماء الإسلام منه ، سواء في ذلك المعاصرون وغير المعاصرين ، فكيف إذا سلّطنا الضوء على آرائه التي تزخر كلّ واحد منها بالمتناقضات ،