وقد صرّح بسبب توبته ومغالاته في التوهب ، حيث قال : وقد قدم إلينا الشيخ الفاضل عبد الرحمن النجدي ، ووصف لنا من أحوال ابن عبد الوهاب أشياء أنكرناها عليه من سفك الدماء ونهب الأموال والتجرّي على قتل النفوس ، ولو بالاغتيال ، وتكفيره الأُمّة المحمديّة في جميع الأقطار ، فبقي فينا تردّد فيما نقله ذلك الشيخ ، حتى قدم إلينا الشيخ «مربد» وله نباهة ومعه بعض رسائل ابن عبد الوهاب التي جمعها في وجه تكفير أهل الإيمان ، وقتلهم ونهبهم وحقّق لنا أحواله ، فعرفنا أحوال رجل عرف من الشريعة شطراً ، ولم يمعن النظر ، ولا قرأ على من يهديه نهج الهداية ، ويدلّه على العلوم النافعة ويفقهه ، بل طالع بعض مؤلّفات ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وقلّدهما من غير إتقان مع أنّهما يحرمان التقليد. (١)
الوهابيون والعتبات المقدّسة
لقد مثّلت المجازر الوهابية في العتبات المقدّسة صفحة سوداء من تاريخ الوهابية ، وقد اعترف بهذه الحقيقة المرّة الكاتب الوهابي صلاح الدين المختار حيث قال : وفي سنة ١٢١٦ ه ـ جهّز سعود بن عبد العزيز بن محمد جيشاً جراراً من أعراب نجد وعشائر الجنوب والحجاز وتهامة وسائر البلاد ، فقصد العراق فوصل في شهر ذي القعدة إلى مدينة كربلاء فحاصرها ، فهدم برج المدينة ومنارتها ودخل المدينة بالعنوة ، وأعمل السيف فيهم ، فقتل من وجد في الأسواق والشوارع والبيوت ، وترك المدينة عند الظهر بعد أن استولى على الأموال والغنائم الكثيرة ، وتوقّف ليستريح في أرض يقال لها «الأبيض» ، فأخرج خمس الغنائم له ثمّ قسّم
__________________
(١) كشف الارتياب : ٨.