(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ). (١)
وهنا يطرح السؤال التالي نفسه : ما هو الهدف وما هي الغاية من خلق الإنسان؟
في مقام الإجابة عن هذا التساؤل وبصورة إجمالية نقول : إنّ معرفة الله سبحانه وصفاته الجلالية والجمالية ، ثمّ سوق الروح والنفس الإنسانية نحو الذات الإلهية وتزيينها بتلك الصفات ـ تلك الفضائل والسجايا والخصال الأخلاقية العليا والسامية التي يكمن تكامل الإنسان ورقيّه فيها ـ يرسم لنا الهدف من خلق الإنسان وإيجاده.
وذلك لأنّ معرفة الله ـ وبالحد الممكن ـ تُعدّ نوعاً من أنواع الاتّصال بمركز الكمال المطلق ، كما أنّ تزيين النفس بالفضائل الأخلاقية والسجايا الإنسانية الفضلى ، يُعدّ تجلياً لإنسانية الإنسان وعلامة على وصوله إلى قمّة الكمال.
ثمّ إنّ الإنسان في سعيه وكدحه للوصول إلى نيل الكمال يعتمد مجموعة من السبل والوسائط التي تأخذ بيده لنيل مبتغاه والحصول على غايته ، وهذه الوسائط عبارة عن :
الف : تنمية الغرائز الباطنية النزيهة
إنّ غريزة معرفة الله والميل نحو الفضائل والأخلاق السامية والنفرة من السجايا والخصال الرذيلة من الأُمور التي عجنت في طينة الإنسان وخلقته ، وقد هيمنت على وجوده بصورة واضحة بنحو ترجّح دائماً كفّة الأُمور المعنوية والمفاهيم الأخلاقية ، ولقد أثبتت العلوم الحديثة هذا النوع من الميول والغرائز ،
__________________
(١) المؤمنون : ١١٥.