كلّ ما عداه من الآلهة المزيّفة ، تمثّل عصارة فكر الأنبياء ورسالاتهم ، وأنّها بمنزلة الجوهرة الأساسية ، في جميع تعاليمهم وأفكارهم ونظرياتهم عليهمالسلام. من هنا نجد أنّ جميع الديانات الإبراهيمية تؤكّد وبصورة شديدة على هذا الأصل وتضع التوحيد في العبادة والوحدانية على رأس قائمة تعاليمها.
إنّ هذا الأصل وإن تعرّض وعلى طول التاريخ البشري إلى نوع من الانحراف ، وزاغ عنه الناس بعض الشيء حتّى أنّهم عبدوا شخصاً ، كالسيد المسيح عليهالسلام أو غير السيد المسيح من الأُمور المادية ، ولكن بقي هذا الأصل يلمع في قلوب وعقول وأرواح أصحاب الضمائر الحيّة والنفوس الطاهرة والعقول المستنيرة ، ، فنظروا إلى جميع الشرائع الإلهية على أنّها شرائع توحيدية ، وأنّ التوحيد هو الأصل المسلّم بين أتباع تلك الشرائع ، من هنا نجد القرآن الكريم وفي مقام الاحتجاج على اليهود والنصارى يؤكّد على هذا الأصل المشترك ، ويذكّرهم به ويحثّهم للعودة إليه ، حيث قال سبحانه :
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ). (١)
مراتب التوحيد
إنّ للتوحيد مراتب بيّنها علماء الإسلام في كتبهم التفسيرية والكلامية ، وإنّ «التوحيد في العبادة» يمثّل في الواقع أحد تلك المراتب وفرعاً من فروع التوحيد التي تتمثّل في :
__________________
(١) آل عمران : ٦٤.