(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ ...). (١)
وهكذا في آية ثالثة يشير سبحانه وتعالى إلى قصة يوسف عليهالسلام وموقف يعقوب عليهالسلام وزوجته وأولاده وسجودهم أمام يوسف عليهالسلام بقوله : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً). (٢)
فلو أخذنا بالتعريف اللغوي للعبادة يلزم من ذلك أن يكون سجود الملائكة ـ الذي هو من أعلى مظاهر الخضوع ـ لآدم وسجود يعقوب وزوجته وبنيه ليوسف ، عبادة لآدم وليوسف عليهماالسلام!!!
ولا يوجد مسلم على وجه الأرض يتفوّه بذلك أبداً.
ومن هنا يظهر أنّ تفسير العبادة بنهاية الخضوع والتذلّل وغير ذلك ممّا جاء في كتب اللغة ، تفسير غير دقيق ، وانّه لا يعطي الضابطة الكلية ، وإنّما هو في الواقع ـ وكما قلنا ـ تفسير بالمعنى الأعم ، ومن هنا إذا قصرنا النظر في تفسير العبادة على هذه التعاريف ، وقلنا بأنّها تعاريف تامّة جامعة للأفراد ومانعة للأغيار ، لزم رمي الأنبياء والصالحين والمرسلين والشهداء والصدّيقين بالشرك ، إذ ليس منهم من لم يتذلّل أو يخشع أو يخضع لوالديه على أقلّ تقدير.
قد يقال في مقام الدفاع عن سجود الملائكة لآدم : إنّ السجود كان في الحقيقة لله وحده وليس لآدم ، وإنّما كان آدم يمثّل دور القبلة بمعنى أنّ السجود كان لله تعالى ولكن باتجاه آدم عليهالسلام كما يفعل المسلمون حيث يسجدون لله ويجعلون سجودهم باتّجاه القبلة.
لكن يرد على هذا النمط من التفكير والتوجيه أنّه معارض وبصورة تامّة
__________________
(١) البقرة : ٣٤.
(٢) يوسف : ١٠٠.