للآيات القرآنية ، وذلك لأنّه لو صحّ هذا التوجيه لما كان لامتناع إبليس وتمرده معنى ، حيث قال :
(أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً). (١)
فالآية توضح وبجلاء أنّ الأمر كان موجّهاً للملائكة بأن يسجدوا لآدم لا أن يسجدوا باتجاه آدم عليهالسلام فقط.
وهنا نكتة لا بدّ من أن نلفت انتباه القارئ إليها ، وهي أنّنا حينما ناقشنا آراء أصحاب اللغة وعلماء هذا الفن لا يعني ذلك أبداً التقليل من أهمية عملهم ، أو إثبات بطلان آرائهم بصورة مطلقة ، وذلك لأنّهم في الحقيقة ليسوا في مقام التفسير التفصيلي للمصطلحات ، بل هم في مقام بيان التفسير بصورة إجمالية ، بمعنى آخر أنّهم ليسوا في مقام بيان الحدود والتعريفات المنطقية (الواقعية) وإعطاء الضابطة الكلية المنطقية والعلمية للمصطلحات.
ب : تحليل المسائل التي وردت فيها لفظة العبادة
إنّ اعتماد هذا الطريق هو الآخر لن يوصلنا إلى النتيجة التي نتوخّاها في تعريف العبادة ، بمعنى أنّه لا يمكننا بحال من الأحوال اعتماد هذا الطريق واستقصاء الموارد التي وردت فيها العبادة ، واعتبار ذلك هو المعيار لتمييز العبادة عمّا سواها ، وذلك لأنّه من الواضح أنّ للّغة من الناحية الصناعية والبلاغية أساليبها الخاصة من «الاستعارة ، والمجاز والتشبيه و ... فقد ترد لفظة العبادة في آية أو جملة أو بيت شعر أو حكمة ويراد منها المعنى المجازي ، أو أنّها استعيرت في معنى آخر أو ... ، فعلى سبيل المثال يطلق
__________________
(١) الإسراء : ٦١.