أو بعمل خارجي كالركوع والسجود والانحناء ، بل الانحناء بالرأس ، أو غير ذلك ممّا يدلّ على ذلّة وخضوع أمام موجود ما. ولا شكّ أنّ جميع المفاهيم تشترك في هذه الخصوصية من قبيل «العبادة ، التكريم ، الطاعة ، إحياء الذكريات» وغيرها ، فالكلّ تشتمل على خصوصية الخضوع والخشوع والتذلّل. ومن هنا لا يمكن أن تكون تلك الخصوصية هي المائز الرئيسي والمعيار الأساسي لتحديد المفهوم الحقيقي والمراد النهائي من العبادة ، أو تحديد المصاديق الواقعية للعبادة ، لذلك اقتضى الأمر أن نفتش عن الحقيقة الثانية وأن ندرسها بدقّة وإمعان للتمكّن من خلالها من تمييز المصاديق الواقعية والحقيقية للعبادة عن المصاديق التي تشبه بظاهرها العبادة وليست هي عبادة حقيقية فنقول :
إنّ معرفة الأهداف والأغراض الباطنية تكمن في تحليل الهدف الذي ينشدونه من العبادة والخضوع ، فممّا لا ريب فيه أنّ الهدف الذي ينشده الموحّد المؤمن بالله تعالى يختلف اختلافاً جوهرياً عن الهدف الذي ينشده غيره.
وبعبارة أُخرى : انّ الموحّدين عامّة والوثنيين كلّهم ، وعبدة الشمس والكواكب يعتقدون بألوهية معبوداتهم ، فالاعتقاد بألوهية المعبود بهذا المعنى هو المقوّم لصدق العبادة ، ولكن الهدف يختلف بينهم اختلافاً جوهرياً كما قلنا ، ومن هنا يقتضي الأمر أن نسلّط الضوء على تلك الأهداف ، فهدف الموحّدين وأتباع الرسالات التوحيدية يرتبط بدرجة ومرتبة إخلاصهم ومقدار معرفتهم ودرجة فهمهم لمعبودهم تعالى ، ولذلك يمكن تصنيف الخصوصية الباطنية لهؤلاء الموحّدين إلى صورتين :