الناس من أصحاب الديانات التوحيدية ، بل انّه يختص بتلك الثلّة من الصالحين الذين وصلوا قمّة الكمال الإنساني بنحو أضحى حاديهم ورائدهم إلى العبادة والخضوع لله هو الحب والعشق الإلهي لا غير.
٢. الهدف الذي ينشده عامّة المؤمنين
إنّ الهدف الذي ينشده عامّة المؤمنين والعامل الذي يحدوهم إلى العبادة والخضوع لله سبحانه وتعالى يكمن في عاملين أساسيّين ، هما :
الف : شعورهم بأنّ الله تعالى هو خالق الكون ومانح الوجود ومفيضه ، وأنّه منبع الحياة.
ب : شعورهم ـ بالإضافة إلى كونه خالقاً ـ بأنّه تعالى هو ربّ العالم ومدبّره ، وانّ العالم مرتبط به وجوداً وإدامة ، أي أنّ تدبير العالم موكول إليه سبحانه ولم يفوض ذلك لغيره. وانّ مصير العالم والإنسان في الدنيا والآخرة بيده ، كما أنّ بداية خلقهم بيده عزوجل ، وأنّه هو الملجأ والملاذ في قضاء الحاجات وإفاضة البركات ، وأنّ رفع النقص والحاجة عن الإنسان بيده لا بيد سواه.
إنّ من يمعن النظر في القرآن الكريم وآياته يرى أنّها قد أشارت إلى هذه الحقيقة وشهدت بها ، ورتّبتها بصورة واضحة. إذ نرى الآيات عند ما تتحدّث عن الخالقية وانّ الخالق للكون والإنسان هو الله سبحانه ، تردف تلك الشهادة بالمدبّرية ، وتؤكّد أنّه هو المدبّر لا غير وانّ أمر العالم بيده ، وبعد أن تنتهي من هذه الحقيقة الثانية تنتقل إلى المسألة الثالثة فتطرحها وهي «الدعوة إلى العبادة». ومن الواضح أنّ هذا التسلسل الثلاثي للمطالب يوصلنا إلى النتيجة التالية :