من بعد إذنه :
(مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ). (١)
ولقد أشارت إلى هذه الحقيقة آيات أُخرى من الذكر الحكيم. (٢)
الهدف الثالث : الأفعال الإلهية
إنّ هذا النوع من التفكير لم يكن من النظريات المخترعة من قبل العرب في العصر الجاهلي ، بل انّ هذا النوع من التفكير يضرب بجذوره في أعماق التاريخ ، ويظهر لنا ذلك بوضوح من خلال الآيات التي تعرضت للحديث عن قصة النبي إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وحواره مع المشركين في عصره ، فكان إبراهيم عليهالسلام يؤكّد أنّ مصدر الأفعال والنعم التي يتنعم بها هو خاصة والناس عامّة هو الله وحده حيث جاء في حواره معهم :
(الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ* وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ* وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ* وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ* وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ). (٣)
فأنت تلاحظ هنا أنّ بطل التوحيد إبراهيم الخليل عليهالسلام ينسب الأفعال التالية : الهداية ، الإطعام والسقي ، الشفاء من المرض ، الموت والحياة ، وغفران الذنوب إلى الله الواحد الأحد ، وبما أنّه عليهالسلام في مقام الرد على مشركي عصره في مدينة (بابل) يظهر لنا وبجلاء ـ من خلال عنصر المقابلة ـ أنّهم كانوا
__________________
(١) البقرة : ٢٥٥.
(٢) انظر : الزخرف : ٨٦ ، مريم : ٨٧.
(٣) الشعراء : ٧٨ ـ ٨٢.