قلنا : أما في غيره فليس له أن ينقض إلا ما خالف الكتاب والسنة وأحكامهما في الشرائع لم يعلم خروج شيء منها من هذا ، وأما أمر فدك فهو له ولولديه وهما معصومان لا يخالفان المعصوم ، وللإنسان ترك حقه لغرض من الأغراض ، وللإمام أن يترك ما يجوز له من السبي وغيره ، وقد فعل ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من سبي أو طاس (١) ، وسبي بني المصطلق(٢) ، وغيرهم ما فعل ، وترك سبي قريش يوم الفتح وهو له طلق حلال ، وسماهم الطلقاء ـ معناه العتقاء من الرق ـ.
[موقف الإمام أحمد بن سليمان]
وأما الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان عليهالسلام ودخوله زبيد فإنما كان باستدعاء الحبشة له مستنصرين به عليهالسلام على ابن مهدي وأطاعوه طاعة وامتثلوا أوامره ، ولهذا أمرهم بقتل ملكهم فساعدوه ، وامتثلوا أمره ، وملك عليهم سواه ، فسمعوا له وأطاعوه فلم يبق للسبي والحال هذه طريق (٣).
__________________
(١) أوطاس : واد في ديار هوازن كانت فيه وقعة حنين في السنة الثامنة للهجرة بعد الفتح. انظر سيرة ابن هشام. وقيل : وطاس موضع على ثلاث مراحل من مكة.
وعن يوم أوطاس وسبي أوطاس انظر : (وسائل الشيعة) للحر العاملي ج ١٤ ص ٥١٥ ، و (مستدرك الرسائل) للنوري ج ١٥ / ص ٨ ، و (سنن النسائي) ج ٦ ص ١١٠ ، و (مسند أحمد) ج ٣ ص ٧٢ وص (٨٤ ، ٨٧ ، وج ٤ ص ٤١٢ ، ومسلم ج ٤ ص ١٧١ ، وسنن أبي داود ج ١ ص ٤٧٧ ، ٤٧٨ وغيرها.
(٢) وغزوة بني المصطلق معروفة مشهورة لا داعي لمتابعتها في المصادر الكثيرة.
(٣) علي بن مهدي بن محمد الحميري الرعيني ، متوفى سنة ٥٥٤ ه ، كان في بداية أمره من رجال الوعظ ، من قرية العنبرة من سواحل زبيد ، وكان يحج كل سنة ، وقوي أمره سنة ٥٤٥ ه ، وأخذ يغير على قرى تهامة ويرتفع على الجبال ، ونشبت بينه وبين حاتم بن عمران حروب ، واستولى على زبيد قبل وفاته بشهرين ، أخذها من المتوكل على الله أحمد بن سليمان ، واستمر على حاله هذه إلى أن توفي ، وكان أصحابه يسمون المهللة لكثرة التهليل فيهم ، ورأيه رأي الخوارج.
انظر (الأعلام) ٥ / ٢٥.