دار حرب ؛ وإنما كانت كذلك لاختصاصها بما ذكرناه من أن أهلها كانوا مظهرين للكفر بحيث لا يمكنون أحدا من السكنى فيها إلا بأن يظهره ، أو يكون على ذمة منهم أو جوار ، فكانت لأجل ذلك دار حرب وهذا بعينه حال هذه الهجرة التي غلبت عليها هؤلاء المطرفية ، فإنهم قد أظهروا فيها من خصال الكفر ما قدمنا ذكره ، حتى صاروا لا يمكنون أحدا من السكنى فيها معهم إلا بأن يكون مطابقا لهم عليها أو يكون متظاهرا لموافقتهم ، وإن أبطن خلاف ما هم عليه لم يستطع أن يظهره لا بذمة ولا بغير ذمة ؛ فإن لم يزد حال هذه الهجرة التي غلبوا عليها (كوقش) وما جرى مجراها على مكة لم ينقص عنها ، وفي ذلك لحوق أماكنهم هذه بدار الحرب ، ولزوم ما ذكرناه عند من نظر بعين البصيرة لأن الإمام عليهالسلام والعالم رضي الله عنه ذكرا ما قدمنا ، وحكينا أن ذلك مذهب العترة الطاهرة عليهم أفضل السلام ورأيهم ولا شك عندنا في ذلك.
[موقف القاسمية والهادوية]
وأما حكايتنا عن القاسم والهادي والناصر عليهمالسلام : بأن دار المجبرة والمشبهة دار حرب فهي من أجلى الحكايات ، وأوضح الروايات ، وذلك أن رواتها أئمة وعلماء لا يمكن حصرهم في رسالتنا هذه ، وإنما نذكرهم جملة وذلك أن الجيل (ناصرية) (١) إلا القليل ، وسهول الديلم (قاسمية) (٢) إلا القليل ، وجبال الديلم (يحيوية) (٣) إلا القليل ، ولا يعلم من هؤلاء خلاف على اختلاف أغراضهم وهم ألوف لا ينحصر أعدادها إلا لخالقها في جواز غزو المجبرة والمشبهة والباطنية وقتل مقاتلتهم ، وسبي ذراريهم ،
__________________
(١) الناصرية : أتباع الإمام الناصر الأطروش عليهالسلام ، المقلدين له في اجتهاداته الفقهية.
(٢) القاسمية : هم أتباع الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي عليهالسلام ، المقلدون له.
(٣) اليحيوية : هم أتباع الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم عليهالسلام ، المقلدون له.