الخروج فإنها في ذمة السلطان ؛ وهذا أظهر من أن يخفى أو يمكن إنكاره ، فما قرعهم من ذلك إلا ظهور دولة الحق.
وأما أحكام الدين فلا بد من إجرائها على المستحقين ، ولو تركنا السبي خوف اقتدائهم في ذلك فلنترك أخذ الحقوق لمثل ذلك ، فهذا لا وجه له لكن ما فعلناه فهو حق فلنا أن نفعله ، وما فعلوه فهو ظلم [وليس لهم فعله وسواء كان فعلهم أخف وأشق فهو ظلم] (١) وعدوان ، وسواء كان فعلنا أغلظ أو أشق فهو طاعة وإيمان ، ولو ترك الدين لأجل استبشاع المستبشعين لما ظهر دين رب العالمين ، فإنه في ابتدائه أنكره جميع العالمين ، وعنّفوا لأجله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقالوا : (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) [هود : ٧٢] ، و (إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ) [يونس : ٧٦] ، و (ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ) [المؤمنون : ٢٤] ، فلم يمنعه ذلك من إظهاره وإمضائه حتى رجعوا إليه ، وعكفوا بغير اختيارهم عليه ؛ فإذا قد تقررت هذه الجملة فلنبدأ بذكر الردة وأحكامها على وجه الاختصار لضيق الوقت ، وتراكم الأشغال ، وظننا أن السائل ممن تغنيه الإشارة الدالة على ما إذا طلبه وجده متمكنا إن شاء الله تعالى.
[الردة وأحكامها]
اعلم ـ أيدك الله تعالى بتوفيقه ولا أخلاك من تسديده ـ أن الردة في الأصل : هي الرجوع ، ولا فرق في اللغة بين قولك : ارتددت أو قولك : رجعت ، ثم صارت في الشرع الشريف تفيد رجوعا مخصوصا ، وهو الرجوع من الإيمان إلى الكفر ، فإذا سمع أهل الشرع قول القائل : ارتد فلان سبق إلى أفهامهم أنه رجع من الإسلام إلى الكفر ، وذلك معلوم في كتب الفقه ، فهذا معنى الردة جملة فلنذكر ما
__________________
(١) سقط من (أ).