وهل نازعه إلا من يعدّ نفسه في الأخيار ، أفهل كان في برهان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قصور ، وفي جريه في الرشاد فتور ، اتهم نفسك لا إمامك ، وتقدم والصلاة أمامك ، لا تضرب وجه الجواد السابق لتصده عن الغاية ، فتكون للناس آية ، ما أحوج السلاح إلى الحملة ، والعلم إلى العملة ، يا طالب الدين لا بد من الآلة ، فإنها لا تقوم مقام الدرع الغلالة ، انصب وارغب ، ولا تتعب ولا تتعب ، فالدين منهج قويم ، وصراط مستقيم ، اليمين والشمال مضلة مزلة ، والوسط يوصلك بحبوحة الملة ، وينميك في الأصلة ، لا بد للمسافر من زاد ومزاد ، ولا بد للمقاتل من سلاح وعتاد ، انظر لنفسك ولا تعتد بالوكل ، ولا تعللها بليت ولعل ، فإن هول المطلع شديد ، والشاهد عليك عنيد ، إن من التكبير ما يكتب على صاحبه كبيرة ، فنسأل الله تعالى حسن البصيرة ، سبح ما استطعت بالكلمة أو الحركة ، ففي القليل مع الاستقامة البركة.
وقد روينا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «يؤتى يوم القيامة بطوامير كأمثال الجبال فترجح بها صحيفة توازي إصبعين فلا تطلب أثرا بعد عين» (١) هل بعد الهداة لمهتد هداية ، وهل بعد الذرية الزكية لمرتاد غاية؟ من شك فيما أحلّوه ، كمن شك فيما أحلّه أبوهم ؛ لأنهم قفوه ، كما أن خلفهم يقفوهم ، إن لم يشتد على أعداء الله غضبهم ، فمن يشتد غضبه ، وإن لم يستطع على الظالم نهيهم فمن يسمو لهبه ، يكفيك من النهر الطالوتي غرفة وللاستقصاء من الحرفة ، ترك الدين ملا والشكا والمراد ، وأدرك الذين بلّوا حلوقهم بالغرفة الواحدة المراد ، من نصر الله لهم في الدنيا ورضاه يوم المعاد ، قليل من العلم يحتاج إلى كثير من العمل ، وإياك أن ينتظمك المثل ، (سعيت وحج الجمل) ، أين من شغله علاج دبر جواده ، ممن همه التعلل
__________________
(١) لم أجده بلفظه وله شواهد كثيرة.