استيفاء حق المظلوم.
والكلام في ذلك : إن هذا لا يجوز ولا علمنا وقوعه ، فإن كان على هذه الصورة فما وجه الاعتراض في السيرة النبوية ، فقد يقع في الدولة النبوية من المعاصي ما هو أعظم من هذا ولا يعلمه ، وكذلك كان في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأيام علي عليهالسلام تقع المعاصي العظيمة فما ظهر أجري فيه حكمه ، وما غبي فأمره إلى الله تعالى.
وأما قوله : يستوفى على كماله ، والصلح جائز ، وقد أصلح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على رجل بنصف ماله الذي ادعاه فما المانع من مثله في أيامنا.
وأما انفصال المعترض عما يلزم الفرقة المرتدة الشقية ، الضالة الغوية ، المسماة بالمطرفية ، في عقوبتهم للناس بالشرط قبل الحلول ؛ فهذا انفصال من لا يعرف العلم ولا حدوده ، ولا أدلته ، ولا شهوده ، وهل المحظور يجيزه الإذن فيه قاتلهم الله أنى يؤفكون ، فهل يعلم أهل المعرفة أن قول الإنسان لغيره : عاقبني إن فعلت كذا وكذا ، ألا يجيز له أخذ ماله بالتزام هذا العقد ، ومن المعلوم أن هذا الشرط لا يعمهم ، وإن عمهم فالحكم فيه ما قلنا ، ولأنه شرط في إلزام مجهول ، ولو كان له نظير في الجواز لم يجز على هذه الصفة ؛ لأنهم يطالبون بالضيفة وهي مجهولة ، وكذلك المغارم لما ينوبهم في إثبات عشاش كفرهم التي سموها هجرا ، وعقائب من يعاقبون أهون نوائبهم ، وأصغر مصائبهم ، ولو أن وجوههم كانت تندى عند مقابلة الأخيار ، ما اعترضوا بهذا المقدار ؛ لأن المعلوم من حالهم ضرورة لمن عاشرهم وخبرهم أن عشاش كفرهم فيها العقوبة ، وفيها الحكم الشديد بالنفي من المنازل ، وفيها هدم الدور ، وفيها الإكراه على الضيفة بما لا يمكن إلا بشق الأنفس والدين ، ومنها مغارم يجمعونها ويسلمونها للظلمة ، وهذه وصايا باعوها واشتروا بها عسلا وموزا